عندما تكذب المرايا

بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله

صلي الله عليه وسلم

محاولة بسيطة مني لألقي الضوء علي منطقة مهمة جداً في حياتنا , وجزء لا يتجزء من أساس الحياة

أخذت تفرك في أصابعها وتحك جلد كفيها وعرق خفيف أخذ يتصبب علي جبينها لولا وجود تلك المكيفات التي تملاء القاعة لأنغمرت القاعة بالعرق

مالت عليها صديقتها وقالت لها:
لو أستمريتي في فرك يديك ربما لا يبقي منها شئ و أضطر أنا لقيادة السيارة في طريق العودة

أبتسمت أبتسامة خفيفة ربما لم تتجاوز عضلات وجهها الداخلية , لولا وجود نغزتين علي طرفي شفتيها لظنها الأخرون في اقصي حالات أهل الأرض بؤساً

وهي كذلك كانت تلك القاعة تضم عرس أحد صديقتها

هاهي احد زميلاتها تودع عالمهم وتدخل في عالمه
عالم شخص أخر
وشعرت بشريط ذكراياتها ينقضي سريعاً أمام أعينها
تذكرت سنوات عمرها الماضية
سنوات الثانوي وأحلامها ,أكتشافها لنفسها
كم شاهدت شريط الذكريات عشرات المرات ,كل مناسبة زفاف لأحد صديقاتها
في كل مرة تري تري نفس المشاهد
وتجلس وسطهم وحيدة
أهذا أنا؟؟؟
أأنا أقترب من سنوات عمري الثلاثين
مازلت أحلم
مر أمامها شريط الجامعة
أصدقائها ورحلاتها
علاقتها
رفضها المتكرر لعروض الخطبة
تذكرت أن عدد العرسان الذين زاروا بيتها ليخطبوها ربما تعدوا العشرين عريساً
كانت جميلة
ومشكلتها أنها كانت تعرف ذلك جيداً
ظنت أن الزواج هو عملية حسابية يمكنها أن تحسبها بسهولة تضغط زر النتيجة في الوقت الذي تريده
تذكرت حوارها مع والدتها
ألن يأن الأوان يا أنتصار
أماه يجب أن أحقق ذاتي ,يجب أن أعمل
لن أكون مثل هؤلاء الفتيات التي يجلسن في الفترينية ليعرضوا علي العرسان
لطالما رفضت أنتصار محاولات الجميع من أجل ان توافق علي أحد العرسان
كانت متخيلة أنها في معركة ضد الطبيعة
متخيلة أن كونها مطلوبة هو شئ غير عادي
تذكرت صديقتها ايمان
أيمان التي ألتزمت و بدأت في طلب العلم الشرعي
تذكرت أن أيمان جائها عريس ملتزم سريعاً وهي في الكلية
تذكرت كلمات أيمان عنه من دماثة خلقه وأنه يعرف معني الزوجة
ويعرف معني الزواج
تذكرت سؤالها لأيمان :
أتتزوجي هكذا دون حب
أيشتريكي كما يشتري ملابسه بعد المعاينة
ردت أيمان
أختي ,أني والله لم أوافق مجبرة بل أخترته كما أخترني
أن الحب ليس كما تظنين كلمات ومقابلات
أن الحب الذي تقصدين يموت سريعاً
وماذا فعل المحبين
وماذا جنوا بعد ضياع هذا الحب
ألم تتعظي من هذه الزيجات بعد أن سقطت الأقنعة
أنتصار كيف حالك يا أبنتي ,مش تشدي حيلك بأة
عادت الي أرض الواقع سريعاً علي صوت أحد أمهات صديقاتها
قالت :يعني أشد حيلي أزاي كأني انا أللي مقصرة , طبعاً لم تتجاوز الكلمات عقلها الباطن وردت عليها:
ربنا يسهل يا طنط همتك معانا .
ردت عليها :أنا خايفة القطر يفوتك
أنتصار :ربنا يسهل يا طنط
وتحشرجت الكلمات علي لسانها وأعتذرت للمحيطين وأتجهت الي دورة المياه مسرعة
ونظرت الي المرأة .
يتبع

حوار المرايا